ولتحقيق هذا الهدف لابد من دخول الصناعة فى مناخ لا يحتاج أى دعم من أى جهة، نظرًا لأن الصناعة عبارة عن مواد خام، ومواد أولية، ومعدات، وعمال، وطاقة، ومحروقات، ومواني للتصدير، وخدمت لوجيستية.. لذا يجب توفير كل هذا لخلق ميزة نسبية لكل صناعة حتى نستطيع فتح أسواق خارجية، وبالتالى تستغل طاقتها الإنتاجية بالكامل بما يحقق الاكتفاء بالسوق المصرى وتصدير الفائض لسوق الخارجى.
وقال المهندس مدحت اسطفانوس رئيس شعبة الأسمنت، إن صناعة الأسمنت تعانى منذ 4 سنوات من خسائر متتالية ومستمرة، نظرًا لأنها المنتج الوحيد الذى لم يترجم فى سعره جميع الأعباء الذى ضغطت عليه منذ تعويم الجنيه حتى الآن، بجانب زيادة أسعار المحرقات والطاقة والكهرباء.
وأضاف اسطفانوس أن صناعة الأسمنت قاومت العديد من الضغوطات لإثبات أحقية الصناعة فى استخدام الوقود الصلب خلال 2013 و 2014، لأن التكلفة الخاصة بالفحم تضاعفت منذ ذلك الوقت حتى الآن.
وهذا العنصر يمثل 40% من تكلفة الأسمنت، نتيجة أن الطاقات الإنتاجية الموجودة أصبح الفائض منها يتجاوز 60% من حجم الاستهلاك..إذن أصبحت المعادلة فى غير صالح اقتصاديات الصناعة نفسها، نتيجة أن طبيعة تجارة هذا المنتج تجعل حلقات التجارة بين المنتج والمستهلك النهائي هي من يصنع السعر، نتيجة الفائض.
وأكد اسطفانوس، أن الأسعار استمرت فى التدهور حتى وصلت الخسائر فى بعض الشركات إلى ما يتجاوز رأس المال ،و أصبح الموقف عصيبا، حتى تدخلت الدولة وقامت بدراسة الأمر وتأكد الجميع أن لا نجاة لهذه الصناعة إلا بتحجيم الإنتاج بما يتناسب مع الاستهلاك المحلى، نظرًا للعوامل التى تم ذكرها فى التعامل مع الصناعة.
فمصر خارج المنافسة التصديرية بعد ما كانت أكبر دولة تصدر أسمنت فى العالم بنحو 12 مليون طن فى العام، نتيجة الظروف المحلية والعالمية، حيث الفائض الآن على مستوى العالم.. والإنتاج العالمي الآن يتخطى الاستهلاك بنسبة 50%.
وهذه السلعة بطبيعتها ليست تصديرية دائمة ، فالتصدير يكون حسب الحاجة، ولا يمكن بناء إستراتيجية الصناعة على الأسواق الخارجية، ولكن على الأسواق الداخلية.
وكشف اسطفانوس، عن وجود مشكلة مزمنة فى مصر تتمثل في عدم وجود قواعد للتجارة، ولاتوجد منظومة أسواق داخلية تحكم هذا الأمر بالشكل الذى لا يسمح لتاجر بالتحول إلى ملياردير لمجرد استغلال أزمات المجتمع، فضلًا عن عدم تنظيم السوق، كل هذا يؤثر على السوق، مشيًرا إلى أن المستثمرين الأجانب هم عصب الاقتصاد فى العالم.. وأداء الدولة والحكومة هما مرجعية أى مستثمر فى مصر، لذا رؤيتهم الإيجابية نحو الدولة تنعكس بالإيجاب على الاقتصاد المصرى، فضلاً عن أن الدولة تعمل جاهدة على جذب الاستثمار.
أوضح اسطفانوس أن التوجه نحو التطوير والتعديل فى مجال الصناعة، هو المفتاح لتحقيق أحلام الجمهورية الجديدة.
أضاف اسطفانوس، أن الصناعة رافد أساسى من روافد الاقتصاد الذى يدعم أى دولة فى جميع الظروف سواء أزمة أو رخاء، لافتًا إلى أن عصب الاقتصاد هو «الصناعة والإنتاج» بشكل عام فى مجالات أخرى من الأنشطة الاقتصادية. فالصناعة كائن حى لا يموت.. والقدماء المصريون كانوا يقوموا بصناعة ما نستخدمه ونسبق العالم أجمع، موضحًا أنه لا يوجد علم جديد إلا إذا كانت تطبيقاته تكنولوجية.
طالب اسطفانوس، بوضع معايير تكاليف هي الأقل دون تحميل الصناعة أعباء فى خطوات التصنيع، حيث الموارد الذى يتم تحقيقها الآن من السوق المحلى فقط؛ نظرًا لعدم وجود قابلية للتصدير بسبب ارتفاع التكاليف، وبالتالى يجب خفض التكاليف وإضافة الموارد المطلوبة فى صورة رسم إنتاج وضريبة قيمة مضافة فيما بعد على المنتج، بما يحافظ على إيرادات الدولة ووزارة المالية من جميع الصناعات.
وبهذا يصبح سعر المنتج قادرا على المنافسة فى أى سوق يتواجد به ، مما يجعل زيادة سرعة الحركة دون الدخول فى تعقيدات روتينية من لجان الدعم.
وأكد اسطفانوس، أن مصر تتمتع بكل مقومات النجاح الباهر فى جميع المجالات، حيث يجب أن تكون الرؤية والهدف بشكل واضح والجميع يعمل على الدفع والتسهيل وليس التعقيد والروتين، دون النظر إلى عدد الإجراءات، مضيفًا أن مصر لديها الكفاءات المميزة القادرة على الصنع بشرط حسن الاختيار والتوظيف.
فالمنتج الناجح دائمًا يتوقف على كل صناعة بمعنى إذا كان الهدف من الصناعة خدمة الأسواق الداخلية لابد من التواجد داخل هذه الأسواق، وإذا كان الهدف هو التصدير إذن لابد من التواجد بجانب الموانيء.. ويجب وضع متخصصين لكل صناعة وتحديد المستهدف والميزة النسبية بأقل قدر من الأعباء على الدولة.