أخبار عاجلة

أساسيات الاقتصاد المصري سليمة لكنها ليست بالصلبة ولا بالهشة

بقلم ا. د / فخري الفقي
رئيس لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب

من الحقائق الهامة المطمئنة والمتصلة بالاقتصاد المصري:
اولا: أساسيات الاقتصاد المصري سليمة لكنها ليست بالصلبة ولا بالهشة. هذه الأساسيات تتمثل فيما يلي:
١- تنوع قاعدته الانتاجية بحيث تضمن قطاعات الانتاجية من السلع والخدمات نموا حقيقيا بمعدلات كافية ليس فقط لتغطية معدلات النمو السكان ولكن ايضا لتحسين مستوي معيشتهم.
١- تعدد مصادر النقد الاجنبي، والتي تبلغ 5 مصادر دائمة، وبالتحديد:
* الصادرات البترولية بما فيها الغاز وغير البترولية.
* تحويلات المصريين بالخارج.
* السياحة الوافدة الي مصر.
* ايرادات قناة السويس.
* الاستثمارات العربية والاجنبية المباشرة. بعيدا عن الاموال الساخنة لانها غير دائمة
ثانيا: ان حصيلة النقد الاجنبي من هذه المصادر الخمسة الدائمة تكفي في الأحوال العادية لتغطية اجمالي واردات مصر وسداد اقساط وفوائد الدين الخارجي وتعزيز احتياطيات البنك المركزي من النقد الأجنبي وبما ينعكس علي استقرار (وليس تثبيت) قيمة الجنيه المصري.

ثالثا: ان 6 مؤشرات من اجمالي 8 مؤشرات الاقتصاد الكلي مازالت تعكس اداء جيدا للاقتصاد المصري، وهي : الحفاظ علي معدلات نمو حقيقي عالية،
معدلات تشغيل عالية وانخفاض معدلات البطالة، تراجع مستويات عجز الموازنة كنسبة من اجمالي الناتج المحلي، استدامة الدين العام بشقيه المحلي والخارجي، تزايد احتياطيات البنك المركزي من النقد الأجنبي وتحسن وضع ميزان المدفوعات، وباستثناء هذا الاداء الجيد، الا ان الازمة الاقتصادية العالمية الناجمة عن تشابك ازمتي كرونا والحرب الروسية الاوكرانية التي نتج عنها تباطؤ تعافي سلاسل الامداد وتسارع معدلات التضخم العالمية وخاصة الطاقة والمواد الغذائية وخروج الاموال الساخنة من الاقتصادات الناشئة ومن بينها مصر التي خرج منها نحو 22 مليار دولار ادت الي تداعيات سلبية علي ما تبقي من مؤشرات الاقتصاد الكلي (التضخم وسعر الصرف)، وبالتفصيل : تسارع معدلات التضخم بسبب التضخم المستورظ فضلا عن تزايد حدة ازمة النقد الاجنبي التي ادت الي ارتفاع سعر صرف الدولار مقابل الجنيه بنسبة تبلغ نحو 100 % ( انخفاض الجنيه بنحو 50%) وهو ما ادي الي مزيد من تسارع معدلات التضخم العام في مصر التي بلغت 25.8% في شهر يناير 2023 مقارنة بشهر يناير 2022. لقد ترتب علي ذلك ارتفاع الاعباء المعيشية علي أصحاب الدخل المنخفض وشريحة عريضة من الطبقة المتوسطة.

رابعا: توصلت مصر لاتفاق مع صندوق النقد الدولي في ديسمبر 2022 لتمويل الفجوة التمويلية لبرنامج وطني للاصلاح الاقتصادي والهيكلي لمدة اربعة سنوات قادمة (2024/2023 – 2027/2026) مع التزام شركاء التنمية الدوليين والاقليميين بالتعاون في سد تلك الفجوة التمولية خلال فترة البرنامج.
معني ذلك أن الأزمة التي يمر بها الاقتصاد المصري، هي في الحقيقة تداعيات سلبية لازمة نقد اجنبي معقدة.
خامسا: خطة الخروج من تلك الأزمة الاقتصادية الراهنة تتم من خلال ما يلي:
المحور الاول: يتمثل في تبني البنك المركزي لسياسة نقدية متشددة مسحوبة برفع اسعار الفائدة لكبح جماح التضخم و محاربة الغلاء في اقصر فترة زمنية ممكنة (اقل من سنة) حتي لا تترك هذه السياسة اثارا سلبية كبيرة علي معدلات النمو وتكلفة الدين العام. هذا، مع التزام البنك المركزي باتباع سياسة سعر صرف مرنة وعدم التدخل في سوق الصرف الاجنبي الا اذا كانت هناك ضرورة تبرر ذلك.
المحور الثاني: توجيه القيادة السياسية للحكومة ببذل مزيد من الجهد نحو تخفيف وطأة الغلاء علي الفئات المتضررة من خلال زيادة المرتبات والمعاشات والحدود الدنيا للاجور وكذلك رفع حد الاعفاء الضريبي لمن هم أدني السلم الوظيف، وزيادة مبلغ الدعم النقدي للاسر للمستفيدة من تكافل وكرامة. كذلك إتاحة السلع باسعار مناسبة من خلال المنافذ المختلفة.
المحور الثالث: تهيئة بيئة الاستثمار وتخارج الحكومة من عديد من الانشطة والقطاعات المحتلفة لافساح المجال للقطاع الخاص لضخ مزيد من الاستثمارات في النشاط الاقتصادي بمفرده او بالمشاركة مع الحكومة في اطار وثيقة سياسة ملكية الدولة ومنحه المزيد من الحوافز الاستثمارية وباختصار وتيسير الموافقات المتعددة بالحصول علي الرخصة الذهبية .. بمناسبة الرخصة الذهبية.
وتشجيع الصناعة وتوطينها وتعميقها وحفز الصادرات للوصول بها الي 100 مليار دولار، وكذلك النهوض بقطاع السياحة للوصول للوصول الي عدد 30 مليون سائح.

وفي هذا الصدد نشير الي ما اعلنه المركزي المصري بتحقيق مصر ايرادات دولارية من الصادرات وتحويلات المصريين والسياحة وقناة السويس والاستثمار العربي الأجنبي المباشر الي نحو 121 مليار دولار ، وهو ما يعني اننا نعبر ذروة الأزمة ويمكن ان نتوقع تحسن تدريجي ابتداء من النصف الثاني من هذا العام (2023) مقابل متطلبات دولارية حوالي 126 مليار دولار ( 100 للواردات و نحو 20 اقساط وفوائد الدين الخارجي والباقي يستخدم في تعزيز احتياطي النقد الاجنبي لدي البنك المركزي.

عن admin

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *