كتبت/ يارا أحمد :
تحول نساء بلدة كاملة إلى “ريا وسكينة” أشهر مجرمات التاريخ المصري اللاتي تخصصن في اختطاف وقتل السيدات بهدف الحصول على أموالهن ومجوهراتهن ولكن دعنا نضع عدد من التغيرات في السيناريو فهن لا يختطفوا أو يقتلوا النساء ولكنهن تخصصن في قتل الرجال وعلى وجه التحديد أزواجهن.
ولم يكن الهدف من القتل الحصول على الأموال ولكنه قد يكون رفض للزوج أو رغبة في إنهاء معاناة أو حتى رغبة في الانتقام كما اختلفت طريقة القتل من الخنق بكتم الأنفاس إلى القتل بسم الزرنيخ.
شهدت بلده بالمجر ميلاد أخطر جماعة نسائية إجرامية “صناع الملائكة” الذين اجتمعوا على قتل أزواجهن حتى بلغ عدد ضحاياهن ما بين 40 إلى 300 شخص.
حينها أثار ما عاشته تلك النسوة من واقع مجتمعي رافض لحقوقهن تساؤلا هاما: هل هن ضحايا لظلم مجتمعي دفعهن للقيام بجرائمهن أم هن قاتلات متمرسات؟.. الحكم لك ولكن عليك في البداية الاطلاع على تفاصيل الحكاية.
بحسب موقع ” all thats interesting ” لم تكن النساء الأوروبيات بشكل عام والمجريات بشكل خاص يحصلن على أي حقوق لهن ففي بدايات القرن الـ 20 كان يتم إجبار الفتاة على الزواج قبل أن تتم عامها الـ 14 كما كان يمنع عليها طلب الطلاق حتى وإن كان الزوج مدمن أو خائن أو يقوم بضربها وتعنيفها حتى أبسط حقوقها في اختيار شريك حياتها تم سلبه منها فكان كل دورها هو حضور الزفاف.
وظل الوضع هكذا حتى عام 1914 وعلى مشارف الحرب العالمية الأولى وحينما ظهرت سيدة غامضة تدعى “سوزانا فازيكاس” لا يعرف أحد ماضيها سوى أنها قررت الانتقال إلى بلدة “ناجيريف” النائية والبعيدة عن العاصمة المجرية بودابست 90 كيلومتر بعدما انتشرت التكهنات حول زوجها الذي اختفى في ظروف غامضة.
اختارت تلك المرأة لنفسها اسم “جوليا فازيكاس” نسبة إلى زوجها المختفي “جيولا” عندما انتقلت إلى “ناجيريف” تعرف عليها أهل القرية باعتبارها “جوليا” مولدة نساء القرية.
ولكنها في حقيقة الأمر كانت ملاذ لكل سيدة كارهة تريد أن تجهض طفلها فقامت بإجراء ما لا يقل عن 10 عمليات إجهاض في الفترة بين 1911 و1921 ولأن الإجهاض كان فعل غير قانوني فتم إلقاء القبض عليها أكثر من مرة ولكن في كل مرة كان يتم الإفراج عنها في النهاية وذلك باعتبارها وسيلة قومية لتخفيف المعاناة وخاصة في فترة أثناء الحرب والتي مرت خلالها المجر بأزمات مالية ضخمة فتغير الاتجاه وتم الاعتراف بأن ولادة مزيد من الأطفال يعني مزيد من المعاناة وعلى هذا الأساس يتم اطلاق سراحها.
حتى وجدت فرصتها لتحويل سيدات القرية إلى قاتلات فمع بداية الحرب العالمية الأولى عام 1914 تغيرت ملامح قرية “ناجيريف” وخاصة عندما ذهب 9 ملايين رجل مجري للخدمة العسكرية للاشتراك في الحرب ضمن ما يسمى بـ ” الحلف الثلاثي” ثم تحولت القرية بعد ذلك إلى معسكر لإيواء أسرى الحرب من جنود الجيوش الأخرى ومع طول فترة غياب رجال القرية أصبحن النساء “أرامل حرب” وشعرن ولأول مرة بكثير من الاستقلال والحرية فكان لكل واحدة منهن الحق في تقرير مصيرها بنفسها.
وقد كان فبدأت العديد من نساء القرية اللاتي أصبحن “أرامل حرب” أو غاب عنهن رجالهن في إقامة علاقات غرامية مع أسرى الحرب ولكن هنا انقلب كل شيء رأسا على عقب فقد عاد أزواجهن من الحرب ليجدن السيدات أنفسهن منقسمين بين سيدات تجمعهن علاقات غرامية برجال آخرين غير أزواجهن الذين غابوا لسنوات في الحرب وبين سيدات شعرن للمرة الأولى بالاستقلال ورفضن العودة إلى حياة الخنوع من جديد وفي الحالتين خيار الطلاق غير متاح وكان الحل عند “جوليا فازيكاس”.
فبعد لجوء نساء القرية إليها لتخلصهن من الحمل غير المرغوب سابقا أعادوا اللجوء إليها مرة أخرى لتخلصهن من أزواجهن وكان لديها “حل بسيط” كما وصفته لأي امرأة لا تحب إكمال حياتها مع زوجها وهو قتله بمادة الزرنيخ السامة.
حيث توجهت كل سيدة تريد التخلص من زوجها بشراء الزرنيخ منها وتسميم الزوج للتخلص منه ليأتي دور شريكتها “سوزي أولاه” والتي قامت من قبل بتسميم زوجها عندما كان عمرها 18 عاما فكانت تساعد “جوليا” في إصدار شهادات وفاة طبيعية لجميع ضحايا نساء المجموعة.
هنا تطور الأمر إلى عمل تجاري فأصبح بيع سم الزرنيخ وسيلة مثالية بالنسبة لجوليا للحصول على المال ففي البداية كانت تبيعه للنساء اللاتي يردن التخلص من أزواجهن ثم أصبح يستخدم لقتل الأطفال والأقارب والوالدين طمعا في الحصول على الميراث ولكن مع ارتفاع معدلات الوفاة في القرية وفي عام 1929 كشفت السلطات أمر مجموعة “صناع الملائكة” كما أطلق عليهن.
و تم إدانة “جوليا فازيكاس” بتهمة تشكيل وتزعم عصابة إجرامية ولكن عندما وصلت الشرطة إلى منزلها لإلقاء القبض عليها وجدتها قد انتحرت بتناول السم نفسه الذي كانت تتاجر فيه.
وبعد البحث تمكنت السلطات من العثور على ما يقرب من 40 جثة تنتمي لأزواج وأقارب النساء المتورطات في القضية وتبين أن جميع الجثث تم قتلهم بنفس الطريقة “سم الزرنيخ” ولكن أشارت دراسات لاحقة إلى أن عدد الضحايا الفعليين لهؤلاء النساء ما بين 100 و300 رجل في ناجيريف تم قتلهم باستخدام الزرنيخ.
و بالرغم من انتحار جوليا الرأس المدبر إلا أنه تم إلقاء القبض على 34 سيدة أخرى تم إدانتهم بالقتل العمد وحكم على 12 منهن بالسجن مدى الحياة بينما حصل 8 منهن على الحكم بالإعدام ولكن لم ينفذ هذا الحكم سوى على سيدتين فقط.