فوز بفارق ضئيل حققه الحزب الاشتراكى الديمقراطى الألماني، لينهى حقبة المرأة الحديدية أنجيلا ميركل، التي حكمت أكبر اقتصاد في أوروبا وكان لها دوراً فاعلاً في صياغة قرارات دول التكتل الأوروبى لمدة 16 عامًا، ليبدأ أولاف شولتز مرشح الحزب ووزير مالية حكومة ميركل عهدًا جديدًا بتشكيل حكومة ائتلافية.
أولاف شولتز مبتسمًا بعد الفوز
وهزم الحزب الديمقراطي الاجتماعي حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي المنتمية إليه المستشارة أنجيلا ميركل بفارق 1.6 نقطة مئوية، وفقا للنتائج الرسمية الأولية التي نشرتها وكالة الانتخابات الألمانية في الساعات الأولي من صباح الأثنين، والتي تعنى أن الديمقراطيين الاشتراكيين حصدوا 25.7 % فقط من أصوات الناخبين، ما يفرض التزاما بالتعاون مع الأحزاب الأخرى لتشكيل حكومة.
وتسود حالة من الغموض حول ملامح تشكيل الحكومة الألمانية المرتقبة، حيث يفرض نظام تشكيل الحكومات داخل ألمانيا معايير خاصة بحسب وسائل إعلام ألمانية، حيث يمكن أن يؤدي فشل الحزب المتصدر في تشكيل الحكومة الائتلافية بالتعاون مع باقي الأحزاب إلى اسناد مهمة التشكيل للحزب التالي في عدد الأصوات.
وفى أول تعليق علي الفوز، وبعد هتافات مدوية في مقر الحزب الديمقراطي الاجتماعي قال أولاف شولتز: اختار الناس صراحة الحزب الاشتراكى لأنهم يريدون أن يكون هناك تغيير للحكومة في هذا البلد ولأنهم يريدون أن يُدعى المستشار التالي أولاف شولتز”، متعهداً بالانتهاء من تشكيل الحكومة بحلول عيد الميلاد.
وبحسب وسائل إعلام ألمانية ، جاءت النتائج بعد سلسلة من التقلبات في مؤشرات استطلاع الرأي خلال الأسابيع التي سبقت انطلاق الانتخابات، حيث كان يُنظر إلى أرمين لاشيت، مرشح الديمقراطيين المسيحيين بزعامة ميركل ، منذ فترة طويلة على أنه المرشح الأول إلا أن سقطات انتخابية من بينها ظهوره ضاحكاً خلال تفقد ضحايا فيضانات بافاريا حالت دون استمراره في المقدمة. كما تم استبعاد أولاف شولتز المرشح الاشتراكي الديمقراطي من قبل الاستطلاعات تمامًا قبل أن تقود شخصيته الثابتة حزبه إلى عودة مذهلة من 10 نقاط، بينما لم يرق حزب الخضر، الذي تصدر استطلاعات الرأي لفترة وجيزة في وقت مبكر، إلى مستوى التوقعات ، لكنه سجل أفضل نتيجة له على الإطلاق.
وانهارت حصة الديمقراطيين المسيحيين في التصويت بنسبة 24.1 % فقط ، متجهة نحو أسوأ أداء في تاريخهم، للمرة الأولى ، وستكون هناك حاجة إلى ثلاثة أحزاب لتشكيل تحالف حيث يخطط كلا الحزبين الرئيسيين لإجراء محادثات متنافسة للقيام بذلك، و ظهر لاشيت في مقر حزبه بعد ساعة من إغلاق صناديق الاقتراع ، معلناً أن النتيجة “غير واضحة” وتعهد بمحاولة تشكيل حكومة حتى لو جاء حزبه في المرتبة الثانية.
وبدا أن حزب الخضر التقدمي وصاحب قضايا البيئة قد حقق مكاسب كبيرة منذ انتخابات 2017 ، لكن بدا أنه لم يكن لديه فرصة حقيقية في التعامل مع المستشارية، وهذا يضع حزب الخضر ، وكذلك الديمقراطيين الأحرار الملائمين للأعمال التجارية ، للانضمام إلى الحكومة المقبلة، وسيلعبون دورًا رئيسيًا في تحديد الشكل الذي يمكن أن تبدو عليه الحكومة الألمانية المقبلة ، اعتمادًا على الأحزاب الأكبر التي يرغبون في الحكم معها.
وفي الأسابيع التي تلي الانتخابات ، ستحاول الأحزاب تشكيل حكومة ائتلافية لها أغلبية في البرلمان الألماني، حيث ستتاح للحزب الفائز في الانتخابات الفرصة الأولى لمحاولة تشكيل ذلك التحالف ، ولكن إذا لم ينجح ، فإن الفرصة تذهب إلى حزب الاتحاد المسيحى.
ولأول مرة منذ تأسيس الجمهورية الفيدرالية قبل 72 عامًا ، يبدو أن الأمر سيحتاج ثلاثة أحزاب على الأقل لتشكيل حكومة مستقرة، وهناك سيناريوهات متوقعة أولها ما يسمى تحالف إشارات المرور، وهذه التوليفة هي الأكثر ترجيحًا، واسمها مشتق من الأحزاب التي سيتم تضمينها ، الاشتراكيون الديمقراطيون (أحمر) ، أحزاب السوق الحرة الليبرالية الديمقراطية (الأصفر) والخضر (الأخضر).
والسيناريو الثانى يتمثل في تحالف جامايكا، فعلى الرغم من أن حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي المحافظ هو الحزب الثانى في الفوز، إلا أنه قد يتولى زمام المبادرة ، حيث يمكن للديمقراطيين المسيحيين محاولة تشكيل ائتلاف بأنفسهم بدون الحزب الاشتراكي الديمقراطي، في هذه الحالة ، فإن “تحالف جامايكا” مع الحزب الديمقراطي الحر وحزب الخضر ، الذي سمي مرة أخرى على اسم ألوان الحزب ، هو الأكثر وضوحًا.
وأظهر استطلاع جديد أجرته القناة الأولى بالتلفزيون الألماني أن الحزب الاشتراكي الديمقراطي سيمتلك أقوى كتلة في البرلمان الألماني المقبل، وحسب الاستطلاع، فإن الحزب الاشتراكي سيحصل على 200 مقعد في البرلمان متفوقا لأول مرة على تحالف المستشارة انجيلا ميركل المسيحي الذي سيحصل على 198 مقعدا. وسيمتلك الخضر ثالث أقوى كتلة في البرلمان بعد الاشتراكيين والمسيحيين بـ113 مقعدا. واستند إلى هذا الاستطلاع إلى توقع بأن إجمالي عدد مقاعد البرلمان المقبل سيصل إلى 730 مقعدا.